أما بعد فاتقوا الله أيها المسلمون، وراقبوه واعملوا بطاعته واجتنبوا معاصيه، وتخلقوا بالأخلاق الفاضلة، وجاهدوا أنفسكم على الاتصاف بالصفات الحميدة فإنها سبيل إلى التقوى وطريق موصل إلى السعادة في الدنيا والآخرة.
إخوة الإسلام: وتضطرب على الدوام أمور الحياة، وتكثر في هذه الدار المنغصات والمكدرات، ويصور الشاعر طرفا من هذه المعاناة حين يقول لبيد بن ربيعة العامري:
بلينا وما تبلى النـجوم الطـوالع وتبقى الديار بعـدنا والمصانـع
فلا جزع إن فـرق الـدهر بيننا فكل امرئ يوما له الـدهر فاجع
وما الناس إلا كـالديار وأهلـها بها يوم حلوها وتغـدو بلاقــع
ويمضون ارسالا وتخلف بعـدهم كما ضم إحدى الراحتين الأصابع
وما المرء إلا كالشهاب وضـوئه يحور رمادا بعد إذ هـو ساطـع
وما المرء إلا مضمرات من التقى وما المـال إلا عـاريات ودائـع
ألـيس ورائى إن تراخـت منيتي لزوم العصا تحني عليها الأصابع
.. القصيدة (1)
وأبلغ من ذلك قوله تعالى: لقد خلقنا الإنسان في كبد [البلد: 4 ]. وقوله جل ذكره: وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور [آل عمران: 185] .
وأمام هذه الحقيقة الماثلة يحتاج المسلم – بل العامل – إلى نوع من التعامل يجنيه مزالق الطريق، ويجاوزه العقبات، وإلى نمط من الأخلاق يخفف عنه الصدمات ويسري عنه حين الشدائد والأزمات، ويرشد الإسلام – فيما يرشد – إلى الخروج من المأزق بالتزام الهدوء وعدم العجلة والطيش في التصرفات، ويهدي النبي صلى الله عليه وسلم لأشج عبد القيس ((إن فيك خصلتين يحبهما الله الحلم والأناة (4))).
وما أعز هاتين الخصلتين في الناس، وما أشد الحاجة إليها، أما الحلم فهو العقل، وأما الأناة فهى التثبت وترك العجلة (5).
والحلم أفضل من كظم الغيظ، لأن كظم الغيظ عبارة عن التحلم أى تكلف الحلم، ولا يحتاج إلى كظم الغيظ أي من هاج غيظه، ويحتاج فيه إلى مجاهدة شديدة، ولكن إذا تعود ذلك مدة صار ذلك اعتيادا، فلا يهيج الغيظ، وإن هاج فلن يكون في كظمه تعب، وهو الحلم الطبيعى.
وكذلك تدرب النفس على الحلم بالتحلم، كما حكاه الغزالي يرحمه الله(6).
معاشر المسلمين: ويكفى الحلم عزة ورفعة وعلو شأن أنه من أسماء الله وصفاته.
قال تعالى: واعلموا أن الله غفور حليم [ البقرة: 235 ].
ولقد عفا الله عنهم إن الله غفور حليم [ آل عمران: 155 ].
وصية من الله والله عليم حليم .[النساء: 12].
والحلم حلية أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام، والخليل عليه السلام يصفه ربه بالحلم ويقول: إن إبراهيم لأواه حليم [التوبة :114]. إن إبراهيم لحليم أواه منيب [هود:75].
ويبشره ربه كذلك بابن حليم، ويكون الحلم من صفات إسماعيل عليه السلام. قال تعالى: فبشرناه بغلام حليم [الصافات :101].
ويوصف شعيب عليه السلام بالحلم والرشد من قومه، وإن كان على سبيل التهكم والاستهزاء منهم، قال تعالى: إنك لأنت الحليم الرشيد [هود:87].
لكنه كذلك وإن رغمت أنوف الملأ ويكفيه حلما وعلما أن يقول لهم: وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب [هود:88].
أما صفوة الخلق وخيرة المرسلين، فيزكيه ربه بكمال الأخلاق ويقول: وإنك لعلى خلق عظيم [القلم:4].
ويجمع الله به القلوب بعد فرقتها، ويجمع به شمل النفوس بعد شرودها وضياعها، ويقول له ربه: فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لا نفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر [آل عمران :159].
أيها المسلمون: ويوصي الله بالحلم والرفق ومجاهدة النفس عليهما وبين آثارهما، ويقول تعالى: ولا تستوى الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم [فصلت :24-25].
قال ابن كثير رحمه الله: أى وما يقبل هذه الوصية ويعمل بها إلا من صبر على ذلك، فإنه يشق على النفوس .. ويقول جل ذكره: ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور [الشورى:43].
ويعلق الإمام الطبري على الآية بقوله: ولمن صبر على إساءة من أساء إليه، وغفر للمسيء إليه جرمه، فلم ينتصر منه، وهو على الانتصار منه قادر ابتغاء وجه الله عز وجل وثوابه، إن ذلك لمن عزم الأمور، ندب الله إليها عباده، وعزم عليهم العمل به.
إخوة الإسلام: ونتيجة جهل الإنسان وضعفه، فقد يبدو له أحياناً أن أسلوب الشدة هو أقصر الطرق للوصول إلى هدفه، وأن ممارسة العنف قد تعجل له حصول النتائج التى يرنو إليها .. وليس الأمر كذلك فما يحصل بالحلم والرفق والأناة خير في الآخرة والأولى، كذلك يهدي المصطفى صلى الله عليه وسلم أمته ويقـول: ((إن الله رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على ما سواه(4))). بل يؤكد النبي صلى الله عليه وسلم أن الرفق والأناة سبب لكل خير، ويقول: ((إن الرفق لا يكون في شئ إلا زانه، ولا ينزع من شئ إلا شانه)).
ويحذر عليه الصلاة والسلام من فقد الرفق بفقد الخير كلـه وهـو القائـل: ((من يحرم الرفق يحرم الخير(1))). ومن ثم قيل
الرفق في الأمور كالمسك في العطور(2)). وقديماً قيل: الحلم سيد الأخلاق.
وما فتئ العارفون يتمثلون الحلم في حياتهم، والأناة في تصرفاتهم، ويهدون بها غيرهم، وقد ورد أن رجلاً سبّ ابن عباس رضى الله عنهما، فلما فـرغ قـال: يا عكرمـة هل للرجل حاجة فنقضيها؟ فنكس الرجل رأسه واستحى(3).
وقال أنس بن مالك رضي الله عنه في قوله تعالى: فإذا الذى بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم. هو الرجل يشتمه أخوه فيقول: إن كنت كاذباً فغفر الله لك، وإن كنت صادقاً فغفر الله لى(4).
وما أجمل ما قال الشافعي رحمه الله:
يخاطبنى السفيه بكل قبح فأكره أن أكون له مجيبا
يزيد سفاهة فأزيد حـلما كعود زاده الإحراق طيبا(5)
أخوة الإيمان: وإذا كانت الحاجة تدعو الحلم والأناة في كل حال في هذه الحياة الدنيا، فهي في زمن الشدائد والفتن أحرى وأولى، ففيها تطيش العقول، وتضطرب القلوب، وتختل المواقف، ولا يسعف المرء إلا التثبت والأناة والحلم والرفق في المدلهمات، لكن ذلك محتاج إلى صبر ومصابرة، وتغليب حظوظ الآخرة على الدنيا، ويضرب ابن عمر رضى الله عنهما أروع الأمثلة في هدوئه وأناتة ورفقه وحلمه في الفتنة ويقول: ( دخلت على حفصة، ونسواتها تنطف – أى ذوائبها تقطر – قلت: قد كان من الناس ما ترين، فلم يجعل لى من الأمر شىء، قالت: الحق فإنهم ينتظرونك، وأخشى أن يكون في احتباسك عنهم فرقة. فلم تدعه حتى ذهب، فلما تفرق الناس خطب معاوية قال: من كان يريد أن يتكلم في هذا الأمر فليطلع لنا قرنه، فنحن أحق به ومن أبيه، قال حبيب بن مسلم لابن عمر: فهلا أجبته؟ قال عبد الله: فحللت حبوتي، وهممت أن أقول: أحق بهذا الأمر من قاتلك وأباك على الإسلام، فخشيت أن أقول كلمة تفرق بين الجمع وتسفك الدم ويحمل عنى غير ذلك، فذكرت ما أعد الله في الجنان، قال حبيب: (حفظت وعصمت(1)).
وسواء وقعت هذه الحادثة حين تفرق الحكمان في (صفين) فلم يتفقوا على أمير المؤمنين، أم كانت في زمن معاوية حين أراد أن يجعل ولاية العهد لابنه يزيد، فهي تصور أناة ابن عمر ورغبته في تسكين الأمور وعدم إثارة الفتن بين المسلمين، والحرص على جمع الكلمة، وهو ما وافقه عليه الصحابي حبيب بن مسلمة حين قال: حفظت وعصمت.
وكذلك ينبغى أن تكون الأناة والرفق والحلم منهجا للمسلم في كل حال، وتتحتم أكثر حين تكون الفتن والفرقة والخلاف، فتلك خير وسيلة لمراغمة الشيطان وجمع كلمة المسلمين، ومن يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، ومن يحرم الرفق يحرم الخير كله.
أقول ما تسمعون....
(1) أنظر مداواة النفوس وتهذيب الأخلاق لابن حزم ص 83 ، 84 حاشية .
(4) الحديث رواه مسلم وغيره ( صحيح مسلم 1 / 48 ح 25 ) .
(5) كما ذكر لك الإمام النووى رحمه الله ( شرح مسلم 1 / 189 ) .
(6) الإحياء 9 / 1657.
(4) رواه مسلم ح 2593 ، 4 / 204 .
(1) روى الحديثين الإمام مسلم في صحيحه 4 / 2003 ، 2004 .
(2) الأخلاق الضائعة للعنبرى / ص 32 .
(3) إحياء علوم الدين 9 / 1661 .
(4) الإحياء 9 / 1661 .
(5) الأخلاق الضائعة / العنبرى / 34 .
(1) الحديث أخرجه البخارى وغيره ( انظر الفتح 7 / 403 ).
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين قدر أرزاق العباد، وقسم أخلاقهم، والمغبوط حقا من وفقه الله علما وحلما، قال علي رضي الله عنه: ليس الخير أن يكثر مالك وولدك، ولكن الخير أن يكثر علمك ويعم حلمك، وأن لا تباهي الناس بعبادة الله، وإذا أحسنت حمدت الله تعالى، وإذا أسأت استغفرت الله تعالى(1).
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يعطى الدنيا من أحب ومن لم يحب، ولكن لا يعطى الدين إلا من أحب، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وخيرته من خلقه، علم الأمة بسلوكه القولي والفعلي العلم والحلم والرفق والأناة، والخير كل الخير في اتباع سنته واقتفاء أثره.
أيها المسلمون: ولم يكن الأناة والرفق وتسكين الأمور في الفتن سلوكا خاصا بابن عمر رضي الله عنهم، بل كان ذلك ديدن الصحابة والتابعين لهم بإحسان رضى الله عنهم، وهذا سعد بن أبى وقاص رضي الله عنه وهو أحد المبشرين بالجنة، ثبت عنه أنه قال لابنه حين حثه في القيام ببعض الأمور في الفتنة قال لابنه: (يا هذا! أتريد أن أكون رأسا في الفتنة، لا والله (2)).
بل وصل الأمر بسعد رضى الله عنه إلى أن أعتزل الناس حين وقعت الفتنة.
ولا شك أن سعدا وابن عمر وغيرهما من الصحابة رضوان الله عليهم تعلموا سلوك الأناة والرفق والنظر في الأمور من محمد صلى الله عليه وسلم الذى أدبه ربه فأحسن تأديبه، وزكاه في محكم تنزيله لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم [التوبة :128].
ومحمد صلى الله عليه وسلم لأناته وحسن تقديره لم يتعجل في تغيير بناء الكعبة، وهو القائل لعائشة رضي الله عنها: ((لولا حدثان قومك بكفر لهدمت الكعبة، ولبنيتها على قواعد إبراهيم، ولجعلت لها بابين(4))).
والبخاري رحمه الله بوب على هذا الحديث بابا عظيما فقال: (باب من ترك بعض الأخبار مخافة أن يقصر الناس عن فهمه فيقعوا في أشد منه).
معاشر المسلمين: وهل علمتم أن الحلم والأناة سبب للحفظ والبقاء، حتى وإن كان المحفوظ فاسقا أو كافرا؟
تأملوا في هذا الحديث الذى رواه الإمام مسلم رحمه الله في صحيحه، وقد جاء فيه أن المستورد القرشي رضى الله عنه – وعنده عمرو بن العاص رضى الله عنه – ((سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تقوم الساعة والروم أكثر الناس! قال له عمرو: أبصر ما تقول، قال المستورد: ومالي أنا لا أقول ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عمرو: إن كان كذلك فلأن في الروم خصالا أربعا، وعد منها: أنهم أحلم الناس عند الفتنة، وإنهم أسرع الناس إفاقة بعد مصيبة)) … وعد بقية الخصال الأربع.
قال أهل العلم: هذا كلام من عمرو بن العاص رضي الله عنه، لا يريد أن يثني على الروم والنصارى الكفرة .. كلا، ولكن ليبين للمسلمين أن بقاء الروم وكونهم أنهم أكثر الناس إلى أن تقوم الساعة، لأنهم عند وقوع الفتن أحلم الناس فهم لا يحملون ولا يعجلون ولا يغضبون، فيقوا أنفسهم ويقوا أصحابهم القتل (1).
ومن العجب أن يتساهل المسلمون فيما نص عليه دينهم ويتشبث بها من حرفت كتبهم ونسخت أديانهم؟
أيها المؤمنون، وتشتد الحاجة للحلم كذلك حين تستأثر المشاعر، فتحتاج إلى التهدئة والتسكين، وحين تشعر النفوس بالضيم، فتتطلع إلى الانتصار وحين يشيع المنكر، فترتفع أسهم الغيرة لدين الله.
لكنها يجب أن تضبط بميزان الشرع وأن تحكم بالعقل، وأن تحلى بالحلم، وأن تجمل بالرفق ( وما كان الرفق في شىء إلا وزانه ).
وعلى مسلمي اليوم أن يتذكروا أن الاستفزاز قديم، وأن العاقبة للمتقين إن هم صبروا وصابروا ورابطوا واتقوا رب العالمين.
واقرؤوا القرآن الكريم وستجدون فيما أوحي إلى محمد صلى الله عليه وسلم قوله تعالى: وإن كانوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها وإذا لا يلبثون خلافك إلا قليلاً سُنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ولا تجد لسنتنا تحويلاً [الإسراء:76-77].
وقال تعالى – في معرض الحديث عن صراع الحق والباطل بين موسى عليه السلام وفرعون – فأراد أن يستفزهم من الأرض فأغرقناه ومن معه جميعاً وقلنا من بعده لبني إسرائيل اسكنوا الأرض فإذا جاء وعد الآخرة جئنا بكم لفيفاً [الإسراء :103-104].
أخوة الإسلام: ولا يعني الحلم والأناة تبلد الإحساس عن مصائب المسلمين، ولا موت المشاعر عن واقعهم المهين، ففئة تقتل أو تهجر – كما يحصل اليوم على أرض البوسنة والشيشان وغيرها – وربما مات الكثير من فقد الطعام والشراب، وفئة تؤذى أو تنفى أو تسجن أو تعذب كما في بلاد كثيرة من بلاد المسلمين.
وليس من الحلم والأناة إضاعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتكاسل في الدعوى إلى الله بالحسنى، ولا القعود عن نصرة المظلومين، ومحبة المؤمنين، والبراءة من الكافرين، وبغض المنافقين، ولكن الحلم والأناة تريث وتعقل في الحركات، وتأن وعدم عجلة في التصرفات، ونظر محمود في العواقب، وتقدير وتغليب للمصالح والمفاسد، إنه كبح جماح، النفس والهوى، واستشارة لذوي العلم والفضل والنهى، بالحلم والأناة يسود العلماء، وبالحلم والأناة والرفق يصلح شأن الولاة والأمراء. ((اللهم من ولى من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتى شيئا فرفق بهم فارفق به)).
كذلك قال المصطفى صلى الله عليه وسلم(3).
وتأملوا في عظيم هذه الحكمة التى أسداها واحد من سادات الحكماء ومن يضرب بحلمه وسؤدده المثل.
إنه الأحنف بن قيس رحمه الله، الذي يقال أنه كلم مصعب بن الزبير في محبوسين، وقال: أصلح الله الأمير إن كانوا حبسوا في باطل فالعدل يسعهم، وإن كانوا حبسوا في حق فالعفو يسعهم.
وهو القائل: لا ينبغى للأمير الغضب، لأن الغضب في القدرة لقاح السيف والندامة(4).
وبالحلم والرفق والأناة ينبغى أن يربى الأباء والأمهات البنين والبنات، وأن يكون جزءا مهما من وظيفة المربين، وأسلوبا عمليا للمعلمين، ونهجا متبعا للقادة والمسؤولين، اللهم هيء للمسلمين من أمرهم رشدا، وارزقهم الحلم والأناة والرفق في الأمور كلها.