ينبغي أن يُعلم أن الله جلّ وعلا جعل من الماء كل شيء حيّ
وهذا لا أظنّ أحد يجهله ، لكن ما الذي يجهله الناس هنا ؟
الناس إذا أجدبُ ولم ينزل المطر لا يدركون أن الله يريد بذلك أن يبين لهم فقرهم وحاجتهم أليه
ومن أخطاء الأئمة الفضلاء والخطباء الذين يتصدرون لصلاة الاستسقاء - أخطاء بعضهم - أنهم إذا أرادوا أن يخطبُ عن الاستسقاء خطبُ عن قضية أسباب القحط
أسباب جدب الديار
وأفرطُ في الحديث عن هذا
ودخلوا في كل صغيرةً وكبيرة وربما نزل أحدهم من المنبر ولم يستسقي الله ألا قليلا
وهذا عدم فقهً لمعنى الاستسقاء
الجدب في الديار وقلة الأمطار حدث في عصر النبوة وحدث في القرون الأولى في عهد عمر – رضي الله عنه – وفي عهد غيره من الخلفاء
فالغايةُ الأولى من جدب الديار هي قضية ، يلجأ الناس إلى ربهم ، أن يفيء إلى الله أن يظهروا المسكنة ، أن يظهروا إلى الله فقرهم وحاجتهم ومسكنتهم وابتهالهم إلى الله
فلا ينبغي للخطيب الموفق ولا للإمام المتصدر أن يهمل هذا الأمر ويقع مع الناس في خطاباً حول المعاصي والفضائيات والقنوات وإخراج الزكاة هذا كله حق
لكن الأولى منه أن يريهم كيف يستسقي ؟ أن يريهم كيف تستجدا رحمة الله جلّ وعلا ؟
العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم لما أجدب الناس في عهد عمر وكان العباس قد أسن
وهو عم رسول الله صلى الله عليه وسلم و(عم الرجل صنو أبيه ) ولم يكن لأحدً من أهل الأرض حقٌّ يمشي على الأرض له حق على النبي صلى الله عليه وسلم ألا العباس
لأنه أكبر منه سناً وعمهُ ، ومع ذلك لما استسقى العباس – رضي الله عنه وأرضاه – قال فيما نُقل ألينا من استسقاه :
اللهم ارتفعت أليك الشكوى ، وأنت تعلم السر وأخفى ، اللهم صرخ الصغير ورق الكبير ، اللهم لا تجعلنا بدار مضيعه .. إلى غير ذلك من العبارات التي تستجدا بها رحمة الله
وعمر كان إذا استسقى يكثر من الاستغفار ويقول: لقد استسقيت لكم بمجاديف السماء – أي الأشياء التي تجلب غوث الله جلّ وعلا ورحمته – هذه قضية مهمة ينبغي أن يتنبه لها لكل من يستسقي أو لكل من يصدره الناس لأن يستسقي بهم في حال الجدب وقلة الأمطار .
من معين القرآن.